لمـا هـذا التَسلـطُ أخبرينـي
وأنـتِ روضـةٌ للياسمـيـنِ
|
سقـاكِ اللهُ أنهـاراً وقـطـراً
تباركَ عِقْـدهُ الـوردُ الثميـنِ
|
عَبيرُكِ بلسـمٌ وثـراكِ عطـرٌ
وماؤكِ منهـلٌ عـذبُ المعيـنِ
|
صَباحُكِ مغْنَـمٌ وشعـاعُ نـورٍ
أَنَارَ الكَـوَنَ بالحـقِ المبيـنِ
|
وليْلُـكِ ساحـرٌ والبـدرُ فيـهِ
تمـامٌ فـي بيانـهِ والسكـونِ
|
حِياضُـكِ للرِّبَـاطِ وللْمَعَالِـي
وللعلـمِ المـدونِ بالمـتـونِ
|
جِبَالُكِ سطَّـرَ التاريـخُ عنهـا
ملاحمُ فـي سجـلاتِ القـرونِ
|
ففي قاسيـونَ آيـاتٍ وذكـرى
وعاطفـةِ النبـوةِ والشجـونِ
|
بسفحـهِ بيـتُ أبيـاتِ أَبِّينَـا
ومَسّكـنُ أمِّـنَـا أمُ البنـيـنِ
|
كأنَّ الشمسَ والقمـرَ استقـرا
وعاشـا فيـهِ الآفُ السنيـنِ
|
بأفـراحٍ وأتــراحٍ وبـلْـوى
كـذا الدُّنيـا همـومٌ للمديـنِ
|
مطيتهـا مـعَ الأقـدارِ صبـرٌ
كفانا اللهُ مـن شـرِ الفتـونِ
|
وفي قاسيونَ أوَّلُ قتـلُ نفـسٍ
وتعزيةٌ مـن المَلَـكِ الحنـونِ
|
لوالدِنَـا بهابـيـلَ القتـيـلِ
وصارتْ سنةٌ ريـبَ المنـونِ
|
فأبكـى أمِّنَـا قابيـلَ ظُلـمـاً
فمن بطنٍ ومن خيـرِ البطـونِ
|
كذلك والحيـاةُ شقـاءُ عيـشٍ
عَدوَّنا فيهـا إبليـسُ اللعيـنِ
|
عَدوَّنـا بالغـرورِ وليـسَ إلاَّ
عدُّوُ الإنـسِ بالحقـدِ الدفيـنِ
|
ويَكفِينـا مـن التبيـانِ عنـهُ
كتابُ اللهِ ذي العـرشِ المتيـنِ
|
وفي قاسيـونَ أبنـاءُ الخليـلِ
دعوا للهِ في خيـرِ الحصـونِ
|
وأنبـاءٌ لـهُ ومقـامُ رُشــدٍ
وزمزمُ في سخَائِـهِ كالمـزونِ
|
برَبْوَتهِ مَسَاكـنُ خَيْـرُ خلـقٍ
وطاَهِـرةُ الأمُومَـةِ والجنيـنِ
|
عليْهِمُ أجمعيـنَ صَـلاةُ ربـي
كما صلَّى على الهاديِ الأميـنِ
|
لِمـاَ هَـذَا وطارقـةُ الليالـي
تَدُقُّ حُصُونُنَا فـي كـلِ حيـنِ
|
كأنَّهَـا لا تـرى بالـكـونِ إلاَّ
بنوا الإسلامِ والمجدِ الحصيـنِ
|
دمشقٌ يا سراجُ المجـدِّ أَنْـتِ
محصنـةُ المنَاقـبِ واليقيـنِ
|
بَنَـى الإسـلام دولَتـهُ عليـكِ
بأيـدٍ أهْلُهَـا أهْـلُ اليمـيـنِ
|
بَنَوا فيـكِ المنَابـرَ والقِـلاعَ
شواهـدُ للحضَـارةِ والفنـونِ
|
ومِـنْ دُوَلٍ إلـى دُوَلٍ وأَنْـتِ
سيوفُ الخيرِ ذُخْـراً للعريـنِ
|
أشَاعُوا العدَّلَ والإحْسَانَ فِيْـكِ
وذَبُّوا عنْ حِيَاَضُـكِ باليميـنِ
|
قلوبٌ لا ترىَ في الـذِّلِ خيـراً
وليس العِّـزُ كالـذِّلِ المُهيـنِ
|
سيُوفٌ في نحورِ الغدرِ دومـاً
وأَهْـلٌ للخيـولِ وللسفـيـنِ
|
فكم أنْجَبْتِ مـن بطـلٍ هُمَـامٍ
ونِلْتِ الفخرَ بالمجدِ المصـونِ
|
كأنَّ بَنُوكِ فـي كـلِ العهـودِ
صلاحُ الدينِ في دنيـا وديـنِ
|
فأَنْـتِ خَيْـرُ عاصمـةٍ لمجـدٍ
سَمَى بالفكرِ والصيدِ السميـنِ
|
فمَـا بَـالُ اللَّيالـيِ عابسـاتٌ
وبَدْرُهَا في محـاقٍ كالسجيـنِ
|
وأَظْلَـمَ ليْلُهَـا رعـداً وبرقـاً
على قاسيونَ ذي القلبِ الحزينِ
|
على حمصٍ وذي السَبَحِ الجميلِ
صَبُورٌ بالدمُوعِ مـن الغبـونِ
|
لِمَنْ يَشْكُو إلى الرحمنِ يَشْكُـو
ومِنْ هولِ المصائـبِ بالأنيـنِ
|
أَمِنْ أَجْلِ البَقَـاءِ علـى فنـاءٍ
بَقَاءُ الأَمْـرِ بالعَـدلِ المُبيـنِ
|
أَمِنْ أَجْلِ التَولَّي علـى عبـادٍ
لَهُمْ رأَيٌ ومـاَ هُـمْ بالقطيـنِ
|
أَمِنْ أَجْلِ الإمَـارَةِ والفضـولِ
أَميْرُ القَوْمِ ذي العقـلِ الرزيـنِ
|
أَمِنْ أَجْـلِ الدراهـمِ والنعيـمِ
فلا نُعْمى تـدومُ لـذاتِ طيـنِ
|
أَمِنْ أَجْـلِ التَمَسُـكِ بالقـرارِ
فليسَ الشُورى بالأمرِ المشيـنِ
|
أَمِنْ أَجْلِ الجمـالِ ومـا إليـهِ
جمالُ المرءِ بالفكـرِ الرصيـنِ
|
أَمِنْ أَجْلِ التَفاخُـرِ والتباهـي
جَلاَلُ النحلِ ما هـوَ بالطنيـنِ
|
أَمِنْ أَجْـلِ الكياسـةِ والذكـاءِ
سَعيدُ الناسِ ذي القلبِ الفطينِ
|
أَمِـنْ هـذَا النِطاسِـيُّ البَلايَـا
دمشقٌ في عـلاجِ المستهيـنِ
|
أَمِنْ أسَدٍ أَمِنْ حَسَـدٍ ضَحَايـا
من الأطفالِ بالنـابِ السخيـنِ
|
سيدعـوا اللهَ قلـبٌ لا يُوالـي
سِوَى الرحمنِ ذي الْعَونِ المُعينِ
|
ويأتي النصرُ في جُنْحِ الليالـي
قريباً يفرحُ الشَّعـبُ الرهيـنِ
|
وَيَلْقى من ضَلاَلِهِ مـا يُلاَقـي
ظَلُومٌ عـاثَ بالمجـدِ الأميـنِ
|
وأدمى جَبيـنَ أُمَّتِنَـا دمشقـاً
ومن يرضى لبيضـاءِ الجَبيـنِ
|
فإن سَكَبَتْ دموعُ القلبِ عينـي
فهذا مـن المحبـةِ والحنيـنِ
|
وبرَّهانـاً بـأنَّ الحُـبَّ يبقـى
وإِنْ ماتـت قلـوبٌ بالظنـونِ
|
عليكِ من الصباحِ إلى المسـاءِ
سلامٌ مـن قلوُبِنَـا والعُيـونِ
|
ألاَ يَـدْرونَ أنَّ الحُسَّـن فِيْـكِ
وَمِنْكِ بسمةُ الثغـرِ الحَسِيـنِ
|
لأنهـارٍ وإِنْ زِيْـدَتْ بنـهـرٍ
دماءٌ حُرِّمَـتْ فـي كُـلِ ديـنِ
|
ثِـقِـي باللهِ أنَّ النـصـرَ آتٍ
متى مَا شاء ذو العزمِ المكيـنِ
|
صالح محسن الجهني
|
نشرت بتاريخ 28 مارس 2012 م
وبمجلة الدفاع العدد 166 ذو القعدة 1433 هـ سبتمبر 2012 م