قصيدة نيويورك والجمعية العامة للأمم المتحدة بمناسبة إلقاء صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية كلمة المملكة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثمانين.
نِيُويُورْكَ أَنْتِ مَدِينَةٌ شَمَّاءُ
ثَمَانُونَ عَامًا تَلْتَقِي الزُّعَمَاءُ
قَدْ شَيَّدُوا فِيكِ مُنَظَّمَةً لَهَا
عَلَمٌ وَمِيثَاقٌ وَفِيهِ وَلَاءُ
أَبْنَاءُ آدَمَ بِاخْتِلَافِ عُرُوقِهِمْ
وَشُعُوبِهِمْ بِالْمَشْرِقَيْنِ سَوَاءُ
نِيُويُورْكَ أَنْتِ مَدِينَةٌ عَصْرِيَّةٌ
بِجَمَالِ حُسْنِكَ يَكْتُبُ الشُّعَرَاءُ
فَلْتَسْمَحِي لِي أَنْ أَقُولَ قَصِيدَةً
وَالشِّعْرُ مِنْ حُلَلِ الْجَمَالِ كِسَاءُ
وَأَنَا الَّذِي قَدْ زُرْتُ أَرْضَكِ طَالِبًا
لِلْعِلْمِ إِنَّ الْعِلْمَ فِيهِ ضِيَاءُ
عَهْدُ الشَّبَابِ وَمَا لَهُ مِنْ عَوْدَةٍ
قَدْ دَاهَمَتْنِي الشَّعْرَةُ الْبَيْضَاءُ
وَاسْتَعْمَرَتْ رَأْسِي وَوَجْهِي وَصَابِرِي
وَلِمَاذَا تَبْكِي الشَّعْرَةُ السَّوْدَاءُ ؟
رَغْمَ الكِفَاحِ وَرَغْمَ كُلِّ وَسِيلَةٍ
مَا فَادَنِي فِي طَرْدِهَا الحِنَّاءُ
أَيْقَنْتُ أَنَّ الحُكْمَ أَصْبَحَ حُكْمُهَا
وَمِنَ النَّذِيرِ الشَّعْرَةُ الصَّفْرَاءُ
هَذَا نَتاجُ تَعَارُفٍ وَتَصَاهُرٍ
وَقُبُولُ أَمْرِ اللهِ فِيمَا يَشَاءُ
وَلَى الشَّبَابُ وَمَا لَهُ مِنْ رَجْعَةٍ
لِلذِّكْرَيَاتِ الطَّيِّبَاتِ بَقَاءُ
نِيُويُورْكَ ذِكْرَاكِ تَمُرُّ بِخَافِقِي
مَرَّ النَّسِيمُ عَلَى القُلُوبِ شِفَاءُ
مَرَّ النَّسِيمُ وَبِالْمُحِيطِ الأَطْلَسِيِّ
وَعَلَى ضِفَافِهِ أَنْتِ الْحَسْنَاءُ
مِنْ نَهْرِ هَدْسُون إِلَى جَزِيرَةِ مَنْهَاتَنْ
وَإِلَى سَتَاتَنْ رَوْضَةٌ خَضْرَاءُ
وَكَسَاكِ نَهْرُكِ حِلْيَةً وَمَحَاسِنًا
وَكَأَنَّكِ فِيمَا مَضَى الْفَيْحَاءُ
بَرَدَى كَسَاهَا حُلَّةً شَرْقِيَّةً
عَاشَ الْجَمَالُ وَعَاشَتِ الْأَسْمَاءُ
وَالْيَوْمَ أَصْبَحْتِ لِعَالَمِنَا كَمَا
صَرْحٍ وَفِيهِ مَرَاكِزٌ وَثَرَاءُ
لِثَقَافَةِ الْإِنْسَانِ وَالْعِلْمِ الَّذِي
يَسْعَى لِخَوْضِ غِمَارِهِ الْأَحْيَاءُ
لِتِجَارَةِ الْإِنْسَانِ أَعْظَمُ مَرْكَزٍ
فِي كَوْكَبٍ فِيهِ الصِّرَاعُ غَبَاءُ
لِحَضَارَةِ الْإِنْسَانِ أَعْظَمُ هَيْئَةٍ
فِي أَرْضِكِ تَسْتَقْبِلُ الْعُظَمَاءُ
يُلْقُونَ فِيهَا كُلَّ عَامٍ خُطْبَةً
وَالْحَاضِرُونَ آذَانُهُمْ صَمَّاءُ
حَرْبٌ وَجُوعٌ وَاحْتِلَالٌ قَاتِلٌ
فِلَسْطِينُ كَمْ عَاثُوا بِهَا الْأَعْدَاءُ
فِي أَرْضِ غَزَّةَ لَا يَزَالُ جُنُونُهُمْ
صِهْيَوْنُ فِي هَذَا الزَّمَانِ بَلَاءُ
كَمْ خَطْبَةٍ قِيلَتْ وَكَمْ مِنْ قَائِلٍ
يَدْعُو إِلَى مِيثَاقِهَا الشُّرَفَاءُ
كَيْ لَا يَحِيدَ عَنِ السَّلَامِ طَرِيقُهَا
كَيْ لَا يُفَرِّقَ جَمْعَهَا الْأَهْوَاءُ
فَالْعَدْلُ مَطْلُوبٌ وَفِيهِ حِصَانَةٌ
لِلْأَمْنِ كَيْ لَا تُسْتَبَاحَ دِمَاءُ
قَدْ قَالَ فَيْصَلُ مَا يُسَانِدُ غُوتِيرِيش
وَاللهِ إِنَّهَا خُطْبَةٌ عَصْمَاءُ
عَصْمَاءُ مِنْ أُمِّ الْقُرَى نَفَحَاتُهَا
وَمِنَ الرِّيَاضِ مَدِينَةٌ غَرَّاءُ
صالح محسن الجهني